فُوتُو شِعر..
من ديوان: قَالتْ عَائِشَة..
1
- إِنَّهُ وَلَدْ..!!
قَالَتِ السَّرَّارَةُ، فَلَمَحتُ دَمْعَةَ أُمِّيْ تُخَالِطُ اِبْتِسَامَتَهَا
الْجَمِيْلَةَ، حِيْنَ كَانَ عُمْرِيْ سَاعَةً ذَلِكَ الصَّبَاحْ..!
- "مُوَدَّعْ اللهَ يَا عِيْنِيْ".
قَالَتْ أُمِّيْ، فَلَمَحتُ الدَّمْعَةَ نَفْسَهَا تُخَالِطُ اِبْتِسَامَتَهَا
الْجَمِيْلَةَ، قَبْلَ أَنْ تَمْسَحَهَا وَهِيَ تُوَدِّعُنُيْ ذَلِكَ الْـمَسَاءْ..!!
***
2
هَذَا الصَّبَاحَ فَقَط،
أُكَرِّرُ هَذَا الصَّبَاحَ..
اِكْتَشَفْتُ أَنَّ اِبْتِسَامَةَ طِفْلَتِي ذَاتِ الثَّلاثَةِ أَشْهُرٍ؛
تُسَاوِي اِبْتِسَامَاتِ عُمْرِي الْخَمْسِينْ.
وَتَذَكَّرْتُ..
لماذَا كَانَتْ عَيْنَا أَبِيْ تَدمَعَانِ،
حَيْنَ كُنْتُ أَبْتَسِمُ لَهُ فِي الصَّبَاحِ،
وَأَنَا طِفْلٌ فِي الشَّهْرِ الثَّالِثِ مِنْ عُمْرِيْ..؟!
***
3
سَرِيْرِي الْقَدِيْمُ مَا زَالَ هُنَاك.
كَمْ تَمَنَّيْتُ أَنْ أَعُودَ طِفْلاً لأنَامَ فِيهْ؛
وَلَكِنْ أَيْنَ يَدُ أُمِّيْ..؟ !
***
4
حَسَنَاً..
هَلْ جَرَّبْتَ الْكِتَابَةَ يَوْمَاً وَأَنْتَ مَحْمُومْ..؟
وَأَنْتَ تَرَىْ أُمَّكَ الْحَنُوْنَ، الْبَعِيْدَةَ آلافَ الْكِيْلُوْ مِتْرَاتِ وَقَدْ أَضَاءَ وَجهُهَا كَالْـمِصبَاحِ وَهِيَ تَدعُوْ لَكَ فِي الظَّلامْ،
وَحَاوَلْتَ أَنْ تَنْهَضَ لِتُقَبِّلَ قَدَمَيْهَا كِيْ تَشُمَّ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ،
وَلَمْ تَسْتَطِع فَاِكْتَفَيْتَ بِالتَّلْوِيْحِ لَهَا:
أُمِّيْ..
هَا أَنَذَا غَارِقٌ فِي الْحُمَّىْ وَالْعَرَقْ،
سَامِحِيْنِيْ لأنَّنِيْ بَعِيْدٌ، بَعِيْدٌ،
وَلَمْ أُقَبِّلْ وَجهَكِ الْـمُضَاءَ بِالْعِفَّةِ مُنْذُ زَمَنٍ طَوِيلْ.
وَسَامِحِيْنِيْ لأَنَّنِيْ اِختَرتُ الْغُربَةَ،
وَأَنَّ الْغُربَةَ حُمَّىً أُخرَىْ تَزُوْرُنِيْ كُلَّ مَسَاءْ..!!
***
5
فِي النَّبْضَةِ الأُوْلَىْ سَمِعَ الطَّبِيْبُ اِسْمَكْ..!
فِي الثَّانِيَةِ، فِي الثَّالِثَةِ، فِي الْعَاشِرَةِ: مُحَمَّدْ.
فِي السَّادِسَةَ عَشْرَةَ: مُحَمَّدْ، فِي السَّابِعَةِ وَالْعِشْرِينْ: مُحَمَّدْ، مُحَمَّدْ.
فِي الثَّانِيَةِ وَالثَّلاثِيْن، فِي الأرْبَعِيْن، فِي الثَّالِثَةِ وَالْخَمْسِينْ،
فِي الْـ...: مُحَمَّدْ، فِي السَّبْعِينْ: مُحَمَّدْ، مُحَمَّدْ..!!
رَفَعَ السَّمَّاعَةَ عَنْ أُذُنَيْهِ،
وَابْتَسَمْ:
- لا شَيْءَ، مِثْلُ السَّاعَةِ.. تِكْ، تِكْ، تِكْ،
اِبْتَسَمَتْ أُمِّيْ،
وَقَطَّبَ أَبِيْ حَاجِبَيهْ..!!؟
***
6
أُوْتِيْتُ الْحِكْمَةَ جَنِيْنَاً،
فَمَا رَكلْتُ رَحمَ أُمِّي عَبَثَاً؛
إلاَّ لِتَقَرَّ عَيْنَاً، وَلا تَحْزَنْ.
وَمَا كُنْتُ حِمْلاً ثَقِيْلا..!!
***
7
كَانَ نِذرَاً عَلَيَّ أَنْ أَطُوفَ بِاِسْمِهَا حَوْلَ الْكَعبَةِ سَبْعَ مَرّاتٍ، وَأَنْ أَلْمِسَ الرُّكْنَ، وَأُقَبِّلَ الْحَجَرْ.
كَانَ عَلَيَّ أَنْ أُصَلِّيَ خَلْفَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ وَأَدعُو لَهَا كَثِيْرَاً.
كَانَ عَلَيَّ أَنْ أَشْرَبَ زَمْزَمَ عَنْهَا كَيْ تَرتَوِيَ، وَأْمْسَحَ عَنْ وَجهِي التَّعَبَ، حِيْنَ يُحَاصِرُنِيْ وَجْهُهُا مُبْتَسِمَاً كَوَجْهِ أُمِّيْ.
كَانَ عَلَيَّ أَنْ أَسْعَىْ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَروَةَ وَأَتَخَيَّلَهَا مَعَيْ كَتِلْكَ الْعَجُوْزِ الْمُضِيْئَةِ بِنُوْرِ اللهْ.
كَانَ عَلَيَّ أَنْ أُصَلِّيَ الظُّهْرَ وَأُلَوِّحَ مُوْدِّعَاً لِلْكَعبَةِ، وَلِوَجْهِ أُمِّي الَّذِيْ تَركتُهُ هُنَاكْ.
***
8
حِيْنَ تَأْتِي الْقَصِيْدَةُ،
أَصعَدُ عَالِيَاً، عَالِيَاً نَحوَ بُلُوْتُوْ،
الْغَارِقِ فِيْ عَيْنَيْكِ،
ثُمَّ أَهْوِيْ كَنَجمَةٍ خَرَّتْ مِنَ السَّمَاءْ.
حَامِلاً أُوْرَانُوْسَ بِأَقْمَارِهِ الْخَمْسَةَ عَشَرَ،
وَنِبْتُونْ بِسُحُبِهِ الزَّرقَاءْ..!
بَاحِثَاً عَنْ عَقْلِيْ،
وَعَنْ قَلَمِي الرَّصَاصْ؛
لأَكْتُبَ لَكِ:
وَجَدتُكِ..!
لَكِنَّنِيْ لَمْ أَجِد وَجْهَاً
يُشْبِهُ وَجْهَ أُمِّيْ بَيْنَ النِّسَاءْ..!!
***
9
أَيْنَ طَائِرَتُكِ الْوَرَقِيَّةُ يَا صَغِيْرَتِيْ..؟
أَيْنَ عَصَافِيْرُ الدُّوْرِيْ،
أَيْنَ فَرَاشَاتُ الْحَدِيْقَةِ،
أَيْنَ طُيُوْرُ الْحَمَامْ..؟!
لَمْ يَعُدِ الْـمَكَانُ صَالِحَاً يَا أَبِيْ.
الْهَوَاءُ مَلِيْءٌ بِرَائِحَةِ الْبَارُودْ،
وَالسَّمَاءُ مَثْقُوْبَةٌ بِالرَّصَاصْ..!
لُعبَتِيْ الْجَمِيْلَةُ سَرَقَهَا اِبْنُ الْجِيْرَانْ.
وَحَقِيْبَتِي الْـمَدرَسِيَّةُ تَحتَ الرُّكْامْ.
فَاِرجِع إِلَىْ نَجمَتِكَ الْبَعِيْدَةِ، يَا أَبِيْ وَاِنْتَظِرنِيْ هُنَاكْ.
"قَالَتِ الصَّغِيْرَةُ لأَبِيْهَا الشَّهِيد".
***
10
تُفَّاحَةٌ فَاسِدَةٌ تُفْسِدُ صُنْدُوْقَ تُفَّاحْ..!
قَالَ أَبِيْ.
عَقْلٌ فَاسِدٌ يُفْسِدُ مَجْمُوْعَةَ عُقُولْ..!!
قُلْتُ لاِبْنِيْ.
(وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ).
قَالَ رَبُّ الْعَالَـمِينْ.
***
#قالت_عائشة ط 1 / 2019
.. #محمد_حسين_حداد
#فرات_الشعر
#فوتوشعر