لَمْ يَكُنْ حُلْمَاً..
لَمْ يَكُنْ حُلْمَاً حِيْنَ نَزَلْتِ بِفُسْتَانِكِ الأَبْيَضِ مِنْ سُلَّمِ الطَّائِرَةِ، فَقَفَزَ الْقَلْبُ وَسَبَقَنِيْ إِلَيْكِ حَافِيْاً فِيْ صَالَةِ الاِسْتِقْبَالْ.
وَحِيْنَ مَدَدتُ يَدِيْ لأُسَلِّمَ عَلَيْكِ، عَادَ إِلَىْ قَفَصِي الصَّدرِيِّ لاهِثَاً كَعُصفُوْرٍ صَغِيرْ.
لَنْ أَقُوْلَ لَكِ إِنَّنِيْ أُحِبُّكِ، فَهَذِهِ الْكَلِمَةُ أَصبَحَتْ بَالِيَةْ.
وَلَمْ تَعُدْ تَكْفِيْ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً مُنْذُ نُزُوْلِكِ مِنْ سُلَّمِ الطَّائِرَةِ، وَاِحتِلالِ جَسَدِيْ وَعَقْلِيْ بِأُنُوْثَتِكِ السَّاحِرَةْ.
سَأَقُوْلُ لَكِ بِكُلِّ بَسَاطَةٍ مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْ كَلِمَةِ أُحِبُّكِ.
فَإِنْ قُلْتُ لَكِ:
بَأَنَّكِ الْـمَاءُ، وَالْهَوَاءُ، وَالْقَصِيْدَةُ، فَصَدِّقِيْنِيْ؛
لأَنَّنِيْ دُوْنَكِ سَأَختَنِقُ مَثْلَ سَمَكَةٍ صَغِيْرَةٍ،
وأَمُوْتُ مِثْلَ فَرَاشَةٍ،
وَإِنْ لَمْ تَكُوْنِيْ دَاخِلَ كُلِّ قَصِيْدَةٍ فَلا مَعنَىْ لاِسْمِيْ أَيَّتُهَا الرِّئَةُ الثَّالِثَةْ.
وَإِنْ قُلْتُ لَكِ بِأَنَّنِيْ كَرِهْتُكِ ذَاتَ يَوْمٍ فَصَدِّقِيْنِيْ أَيْضَاً؛
لأَنَّنِيْ أَبْدُوْ أَمَامَ حُبِّكِ قَزَمَاً لا أَسْتَطِيْعُ رَفْعَ رَأْسِيْ لأَنْظُرَ إِلَىْ قَامَتِكِ الْعَالِيَةْ.
وَلأَنَّنِيْ مُصَابٌ بِفَيْرُوْسِ حُبِّكِ؛ وَأَنْتِ اللُّقَاحُ الَّذِيْ لا يُمْكِنُ أَنْ أَسْتَغْنِيَ عَنْهُ لَيْلَةً وَاحِدَةْ.
وَكَرِهْتُكِ أَيْضَاً، لأَنَّكِ طِيْلَةَ الثَّمَانِيْ عَشْرَةَ سَنَةً تَحَمَّلْتِ ثَوْرَاتِ جُنُوْنِيْ، وَنَزَقِيْ، وَقَصَائِدَ غَزَلِيْ لَهُنَّ، وَعَصَبِيَّتِي الزَّائِدَةْ.
فَصَفَحتِ، وَبَكَيْتِ وَحِيْدَةً كَيْ لا أَرَىْ دَمْعَتَكِ الْحَارِقَةْ.
وَلأَنَّنِيْ سَكَنْتُكِ طَائِعَاً غَيْرَ نَادِمٍ، فَأَصبَحَتِ بِضعَةً مِنِّيْ وَكَانَتِ الْـمَوَدَّةُ وَالرَّحمَةُ بَيْنَنَا، وَشَيْءٌ آخَرُ لا أَعرِفُ لَهُ اِسْمَاً يَشُدُّنِيْ إِلَيْكِ أَكْثَرَ مِنَ الْـمَاءِ،
وَالْهَوَاءِ،
وَالْقَصِيْدَةْ؛
قَرَّرتُ أَنْ أَسْتَمِرَّ مَعَكِ إِلَىْ أَنْ يَخطِفَ أَحَدَنَا الْـمَوْتُ،
أَوْ نَمُوْتَ مَعَاً فِيْ لَحظَةِ عِنَاقٍ دَافِئَةْ..!
...
#الشاعر_ذلك_الذي ط 1 / 2018 _ ط 2 / 2020
.. #محمد_حسين_حداد
#فرات_الشعر
#فوتوشعر