إلِى شَاعِرَة..
حَدَاثِيَّتُكِ تَسْطِيْحٌ لُغَوِيٌ بَسِيْطٌ، وَتَشْوِيْهٌ لِجَسَدِ اللُّغَةِ الْجَمِيلْ.
حُرُوْفُكِ الْـمُتَنَاثِرَةُ لا تَسْتَطِيْعُ صُنْعَ مُفْرَدَةٍ شِعرِيَّةٍ مُبْهِجَةٍ، وَتَقْطِيْعُ جُمَلِكِ إِبْهَامٌ لا مَعنَىْ لَهُ.
عَلامَاتُ التَّرقِيْمِ لَيْسَتْ مِكْيَاجَاً وَلا زِيْنَةً، بَلْ عَلامَةٌ فَارِقَةٌ مِنْ عَلامَاتِ النَّصِّ الشِّعرِي الْـمُبْهِجْ.
اِفْتِعَالُ الدَّهْشَةِ، وَغَرَابَةُ الصُّوْرَةِ لا يَعفِيَانِكِ مِنْ مَسْؤُوْلِيَّةِ مَرَضِ الْقَصِيْدَةِ وَهُزَالِهَا، قَصِيْدَتُكِ يَجِبُ أَنْ تَكُوْنَ قَوِيَّةَ الْبُنْيَةِ، صَحِيْحَةَ الْجَسَدْ.
كَانَ عَلَيْكِ الْعِنَايَةُ بِاللُّغَةِ أَوْلاً، كَعِنَايَتِكِ بِجَسَدِكِ الْـمُثِيْرِ لِلدَّهْشَةِ، وَالتَّعَامُلُ مَعَ الصُّوْرَةِ الشِّعرِيًّةِ كَتَعَامُلِكِ مَعَ لِبَاسِكِ الأَنِيْقِ أَمَامَ مِرآتِكِ الْفَارِهَةْ.
أَمَا الْـمُفْرَدَةُ يَا صَدِيْقَتِيْ فَدَلِّلِيْهَا كَطِفْلَةٍ إِنْ كُنْتِ أُمَّاً، وَاِجْعَلِيْهَا فَاتِنَةً مِثْلَكِ إِنْ كُنْتِ عَاشِقَةً؛ لِتُوْلَدَ قَصِيْدَتُكِ مِنْ جَدِيْدٍ، قَصِيْدَةً شِعرِيَّةً نَابِعَةً مِنَ الْعَقِلِ قَبْلَ الْقَلْبِ، إِطَارُهَا الْجَمَالُ وَأَدَوَاتُهَا اللُّغَةُ السَّلِيْمَةُ، وَالاِنْفَعَالُ الْعَفْويُّ، وَالْغُمُوْضُ الْبَعِيْدُ عَنِ الإِبْهَامِ، الْـمَلِيْئَةُ بِالصِّدقِ وَالْـمُتَجَرِّدَةُ مِنَ الْعَاطِفَةِ الْكَاذِبَةِ، الْبَعِيْدَةُ عَنِ الْـمُبَاشَرَةِ وَالْقَرِيْبَةُ مِنَ الْحَاسَةِ السَّادِسَةْ.
لأَنَّكِ يَا صَدِيْقَتِيْ تَكْتُبِيْنَ لِلنَّاسِ قَبْلَ أَنْ تَكْتُبِيْ لِنَفْسِكِ. وَالشَّاعِرَةُ الْجَمِيْلَةُ مَنْ تَتَحَدَّثُ لُغَةَ النَّاسِ بِمُختَلَفِ فِئَامِهِمْ، وَأَعمَارِهِمْ، وَطَبَقَاتِهِمْ، وَاِنْفِعَالاتِهِمْ، وَحَالاتِهِمِ الْوِجْدَانِيَّةِ الْـمُظْلِمَةِ قَبْلَ الْـمُشْرِقَةِ، وَكُلِّ مَا يَعتَرِيْ قُلُوْبَهُمْ يَجِبُ أَنْ يَعتَرِيَ قَلْبَكِ كَيْ تُصبِحِيْ شَاعَرَةً لا مُتَشَاعِرَةً، فَالشِّعرُ لَيْسَ قَصَائِدَ حُبٍّ فَقَطْ..!
بَلْ قَصَائِدُ حِقدٍ، وَاِنْتِقَامٍ، وَمَدحٍ وَذَمٍّ، وَاِنْتِحَارٍ، وَفَوْضَىْ حَوَاسٍّ، وَتَحطِيْمُ مَرَايَا، وَرَمْيُ مِكْيَاجٍ فِيْ سَلَّةِ الْـمُهْمَلاتْ.
قَصِيْدَتُكِ كَجَسَدِكِ، كَنْزٌ جَمِيْلٌ، يَا صَدِيْقَتِيْ.
هُنَاكَ أَعضَاءٌ فَاتِنَةٌ تَسُرُّ النَّاظِرِيْنَ، وَهُنَاكَ أَعضَاءٌ فَاتِنَةٌ يَجِبُ أَلاَّ يَرَاهَا النَّاظِرُوْنَ، كَيْفَ يَعرِفُوْنَ أَنَّهَا فَاتِنَةٌ دُوْنَ أَنْ يَرَوْهَا، هُنَا دَورُ الشِّعرِ، أَعنِيْ يَجِبُ أَنْ يَعرِفُوْا قِيْمَةَ هَذَا الشَّيْءِ وَجَمَالِيَّتِهِ وَيَتَخَيَّلُوْهُ وَاقِعَاً وَلا يَنَالُوْهُ مُطلَقَاً.
عَيْنَاكِ وَاسِعَتَانِ جَمِيْلَتَانِ سَوْدَاوَانِ أَوْ عَسَلِيَّتَانِ...
وَصفٌ بِدَائِيٌّ، وَتَسْطِيْحٌ لُغَوِيٌّ لَمُفْرَدَةٍ بَسِيْطَةْ..!
عَيْنَاكِ عَمِيْقَتَانِ،
مُتْعِبَتَانِ،
قَاتِلَتَانِ،
غَابَتَا كُحلٍ،
حَقْلانِ مِنْ فَرَحٍ،
قَصِيْدَتَا وَجَعٍ وَاِنْكِسَارْ...
وَصفٌ جَمِيْلٌ، وَاِكْتِشَافٌ لُغَوِيٌّ لِمُفْرَدَةٍ مُرَكَّبَةْ..!
دُمْتِ بِخِيْرٍ صَدِيْقَتِيْ، وَبِاِنْتِظَارِ قَصِيْدَةٍ مُثِيْرَةٍ وَمُفَاجِئَةٍ كَطَلَّتِكِ ذَاتَ مَسَاءٍ بِلا مَوْعِدٍ بِكَعبِكِ الْعَالِيْ،
وَبِفُسْتَانِكِ السّوَارِيْه الْـمُثِيرْ..!!
...
#الشاعر_ذلك_الذي ط 1 / 2018 _ ط 2 / 2020
.. #محمد_حسين_حداد
#فرات_الشعر
#فوتوشعر