دَرْسٌ خُصُوصِي..
كَانَتْ تَقُوْلُ لِيْ فِيْ دَرسِهَا الْخُصُوْصِيِّ:
لا وَقْتَ لَدَيَّ لِلْكِتَابْ،
الْكِتَابُ يُرَافِقُنِيْ فِيْ كُلِّ الأَوْقَاتْ.
أَقْرَؤُهُ،
أَفْهَمُهُ،
أَضُمُّهُ إِلَىْ صَدرِيْ فِي الْـمَسَاءْ،
وَأَرمِيْهِ مَتَىْ أَشَاءْ..!
أمَّا أَنْتَ فَكِتَابِي الَّذِيْ أُحِبُّ أَنْ أَقرَأَ فِيْهِ عَلَى اِنْفِرَادْ.
أَتَذَوَّقُ حُرُوْفَهُ، وَأُمَرِّغُ شَفَتِيْ بِحِبْرِهِ الَّلذِيذْ،
فَاكْتُبْ عَلَىْ جَسَدِيْ دَرسَ الْيَومْ،
وَاِشْرَحْ بَأصَابِعَكَ الْعَشَرةِ بَيْتَيْنِ مِنَ الشِّعرِ،
خَبَّأَتُهُمَا تَحتَ قَمِيْصِي الأَبْيَضْ.
أَعرِبْ شَفَتِي السُّفْلَىْ الْـمَضْمُوْمَةَ بِاِنْتِظَارِ الْفَتْحِ الظَّاهِرِ عَلَىْ شَفَتَيْكْ.
وَلا تَضَع خَطَّاً أحمَرَ.
اُكْتُبْ مَا شِئْتَ مِنَ الأَلْفِ إِلَى الْيَاءْ.
وَلا تَنْسَ التَّاءَ الْمَربُوْطَةْ،
اِغمِسْ إِصبَعَكَ فِيْهَا وَذُقْ،
فَفِيْهَا مِنَ الْمِلْحِ، وَالْعَسَلِ مَا يُغرِيْ،
لا تَخَفْ، اِرمِ تَنُّوْرَتِي الْكُحلِيَّةَ عَلَى الأَرْضِ،
أَوْ فَوْقَ السَّرِيْرِ،
فَاِسْتِدَارَةُ النُّوْنِ أَجمَلُ دُوْنَهَا.
سَتَرسُمُ شَفَتَاكَ عَلامَاتِ التَّعَجُّبِ وَإِشَارَاتِ الاِسْتِفْهَامْ،
فَنُوْنِي الفَارِسِيَّةُ تَشْتَهِيْ أَنْ تُحِيْطَهَا بِالدِّفْءِ يَدَاكْ.
وَهَذِهِ الأَلْفُ الْـمَمْدُوْدَةُ تَنْتَظِرُ أَنَامِلَكَ كَيْ تُعرِبَهَا وَتَرفعَهَا،
فَلا الضَّمُّ يُناسِبُهَا وَلا السُّكُوْنُ،
أعِدهَا إِلَىْ أَصلِهَا الْيَائِيِّ وَاُنْظُر فِيْ حَرَكَةِ قَدَمِهَا،
أَنَا أَعرِفُ أَنَّكَ تَكْرَهُ الرِّيَاضِيَّاتِ؛
لَكِنَّ هَنْدَسِةَ بِنَائِيْ تُغرِيْ،
اُنْظُرْ، هَذَا الْـمُثَلْثَ الْـمُتَسَاوِي السَّاقَيْنْ،
وَتِلْكَ الدَّوَائِرِ وَالْـمُنْحَنَيَاتِ، وَهَذَا الْقَوْسْ.
سَأَكُوْنُ "بِيْجمَالْيُوْنَكَ" هَذَا الْمَسَاءْ،
هَا أَنَذَا أَمَامَكَ بِشَحمِيْ وَلَحمِيْ، وَدِهْنِيْ وَعَرَقِيْ، وَشَهِيقِيْ وَزَفِيْرِيْ،
وَدَقَّاتِ قَلْبِي الْـمُتَوَالِيَةِ هَنْدَسِيْاً.
اِمْلأْ رِئَتَيْكَ بِرَائِحِةِ قَمْحِيْ قَبْلَ أَنْ تَحصُدَ سَنَابِلَ جَسَدِيْ.
مَرِّر أَصَابِعَكَ عَلَى بْرُوْنْزِ جِلْدِي،
خَبِّئْ تَحتَ أَظفَارِكَ مِلْحَهُ،
مَرِّغْ شَفَتَيْكَ بِحُبَيْبَاتِ عَرَقِهِ الْفِضِّيَّةْ،
وَلا تَضغَطْ عَلَىْ وَدَجِيْ طَوِيْلاً،
دَعنِيْ أَتَنَفَّسُكَ كَمَا أُرِيْدُ،
وَأُلاعِبُ - كَقِطَّةٍ - شُعَيْرَاتِ صَدرِكَ الْبَيْضَاءَ،
وَأَفْتَرِسُ السَّوْدَاءَ كَلَبْوَةْ.
لا تَتَرَدَّدْ، اِقْتَرِبْ وَأَرِنْيْ بَلاغَةَ لُغَتِكَ،
عَبِّر عَنْ جَسَدِي الْـمُتْرَعِ بِأَلْفَاظِ الشَّوْقِ وَالْحَنِينْ.
عَلِّمْنِيْ كَيْفَ أُفسِّرُ مُفْرَدَاتِكَ الْغَامِضَةَ،
وَأَبْحَثُ فِيْ مُعجَمِكَ عَنْ مَعنَىْ اِسْمِيْ؛
لأَضَعَ نِقَاطِيْ عَلَىْ حُرُوْفِكَ الْـمُبْهِجَةْ.
فَرَكَاكَةُ حُرُوْفِيْ فِي الْعِشْقِ سَتَتفَوَّقُ عَلَىْ بَلاغَةِ حُرُوْفِكَ هَذَا الْـمَسَاءْ..!!
...
#غرفة_العاشق_هذيان_حمى ط 1 / 2017 _ ط 2 / 2021
.. #محمد_حسين_حداد
#فرات_الشعر
#فوتوشعر