الرئيسية
أحدث الصور
يُعجبني..
يُعجبني..
أنّ الخريفَ ما زاركِ يوماً،
وأنّ الرّبيعَ اسْتوطنَ فيكِ،
ولم تُغادرْ وجنتيكِ شقائقُ النُّعمانْ..!!
يُعجبني..
أنّ قلبَكِ الأبيضَ
- رغمَ السّنين العِجَافِ - كالثلجِ
ما زالَ نقياً..
ولمْ يطبعْهُ بالسّوادِ غَدْرُ الزّمانْ..!
يُعجبني..
أنّ عينيكِ المثقلتينِ
بالحزنِ والسّهر؛
حين يزورُهما طيفي تبتسمانْ..!
يُعجبني..
أنّ شفتيكِ الذّابلتينِ من العَطشِ
حينَ تذكرانِ اسمي - شَوقاً -
ترتويانْ..!
يُعجبني..
تورّدُ خدّيك - خَجَلاً -
حين تُخطئُ شَفتايَ بمرُورهما العُنوانْ..!
يُعجبني..
طعمُ الكرزِ المرشُوشِ
- في شَفتيك - بالسُّكّرِ
حين يغارُ منهُ العِنَبُ،
والمشْمشُ والرُّمانْ..!
يُعجبني..
أنّ قدميكِ العُصفورتينِ،
ما زالتا تعْزفانِ سمفونيةَ البَجَعِ
حين تخطوانْ..!
يُعجبني..
أنّ خلخالكِ - حينَ تمُرِّينَ - ما زالَ
بغنجِ مُراهقةٍ يصدحُ
فيلتفتُ المكانْ..!
يُعجبني..
أنَّك، أنتِ
امرأةُ الفَرحِ، والحزنِ.
والأبيضِ، والأسودِ.
والشّوقِ، والحرمانْ..!
فيَا لابتسَامَتِكِ الحزينةِ،
ويَا لهذا السَّوادِ المجَلّلِ بالبياضْ.
يَا لخوفِ الطفلِ في عينيكِ
ويَا للشَّفتينِ حين تشعُرانِ بالأمانْ..!
يا امرأةَ الفُصولِ الأربَعةِ
يا امرأةَ المتناقِضَاتِ..
خريفُنا ربيعٌ،
يكفيني..
أنّي وجَدْتُكِ
كمَنْ وجَدَ بعدَ ضَلالتهِ الإيمـانْ..!
***
يجوعُ الشَّاعرُ، ولا يأكلُ بالقَصِيدة.
فيعيشُ الشَّاعرُ، وتعيشُ القَصِيدة..!!
يجوعُ الشَّاعرُ، ويأكلُ بالقَصِيدة.
فيموتُ الشَّاعرُ، وتموتُ القَصِيدة..!!
***
أعلم أنَّك في خريف العُمْر، وأنَّني كذلك
لكنَّ حبَّنا لا يعترف بالفصول،
لأنَّ الرَّبيع فصلٌ وحيدٌ في دورتنا الحياتية..!
***
حين أخطأتْ بوصلة الفرح شمالك المغناطيسي
حزنتِ الكرة الأرضية وتوقفتْ عن الدوران..!
***
أنت قصيدةٌ..
تمشي على قدمين..!
***
كيف أكتب لك، ومن أين أبدأ قصيدتي
وأنت قاموسي الشعري الذي تنهل منه لغتي..!
***
أنت بحور شعري الستة عشر
فلا الطويل يجاري شعرك الكستناني
ولا المحدث يتداركني قبل أن أغرق في بحر عينيك..!
***
حين أحببتك..
كنت كطفل رضيع اكتشف أن صوته جميل
فبدأ يغرّد بأحرف لا يفهمها أحد.
وحين بدأ يُدَوْزن حباله الصوتية نطق بلفظة ماما
أما أنا فنطقت باسمك على نأمتين
نأمةً في الصباح..
حين يشرق وجهُك قبل الشَّمس فيبعث في غرفتي الضِّياء..!
ونأمةً في المساء..
حين يلازم وجهُك غرفتي ولا أحدَ يراه سواي..!!
***
لن أخطئ شمالَكِ المغناطيسيَ هذه المرَّة
بوصلةُ العاشق لا تخطئ مرَّتين..!!
***
لأنَّني أخاف من الظلام؛
أطفئي المصباحَ واقتربي!
لأنَّني أخاف من البرد؛
أطفئي المدفأةَ واقتربي!
لأنَّني أخاف من الغدر؛
أطفئي قلبي وابتعدي..!
***
عبد الباسط عبد الصمد..
ما أعظمك،
لقد أحببت القرآن بصوتك السَّابحِ في الفضاء سبعَ مرّات،
فأحبَّني الله؛
لأنَّني بكيت خشيةً ذات مساء..!
***
من الألف.. إلى النون
شعر: محمّد حدّاد
الممْشُوقانِ..
الألفُ المهمُوزَةُ والموصولَةُ، وما بينَهُما
بَوحٌ من العِشْقِ والتَّمنّيْ.
حَرفَانِ منْ أوّلِ اليَاقوتِ،
إلى آخرِ حَرْفٍ منْ هديلِ اليَمَامِ.
يَـمٌّ سَكنَ عَينيكِ بدونِ جَزْرٍ
فلا اليَاءُ بَمدِّها أوصَلتني إليكِ
ولا ضَمُّ اللمْيَاوَينِ بالميمِ على ظمَأ إليَّ
يُغْنِيْ..!!
فمَنْ يُطفِئ حَرْفَ النَّونِ بالهَزيعِ الأخيرِ
- إذا اشْتعَلَ شَوْقاً - وثمَّةَ لا حُضْنَ
سِوى حُضْنِي..!!
وحين أوْمَأتِ، زَحَفتْ كتيبةُ الشَّوقِ
لاحْتلالِ خَصْرِكِ الممَرَّدِ بالقَواريرِ،
فمَا أبْقَتْ منَ التُّفاحِ، والرُّمَّانِ،
سِوى كرَزِ شَفتيكِ؛
ليُحدِّثَ عنّي..!!
يا امْرأةَ الدِّفْءِ، والتّناقُضَاتِ
يا امْرأةً أضَاءَتْ، فمَشَيتُ إليها.
وعَجَزتْ عنْ وَصْفها المفرَداتْ..!
خَريفُكِ أجْملُ منْ ربِيعِهنَّ،
فلا تحزَنَي ولا تهَنَيْ.
قدْ فُزْتِ بقلبيْ، وقَبَضْتِ على عُصْفورهِ الأبيض
فلا ضَيْرَ إنْ أحَاطونِي بِوِدّهِنَّ.
فأنتِ الأقرَبُ إليَّ..
منّي.
يا امْرَأةَ الحُضورِ والغِيابِ،
يا امْرأةَ الظّلِّ والحَرورِ.
يا امْرأةً اسْتَعْمَرتْ حَواسِيَ الخمْسَ
وتَركتِ السَّادسَةَ؛
لأبحثَ عنها في شَهوةِ التّمنّيْ.
كونِيْ لِيْ، أكُنْكِ
ولا تُضَيّعيْ عُمْراً آخَرَ
ضَاعَ مِنْكِ، ومِنِّيْ..!!
***
دَعيه يَبُحْ،
بما خَبَّأ من مكنوناتِ الدُّررْ.
فالقلمُ إنْ لم يَبُحْ،
- يا صَديقتي -
جَفَّ فيه حبرُ الشَّوق،
فانحنى، وانكسرْ..!
فلا خيرَ في الغيوم المسافراتِ
إنْ لم تُسْقِ العِطاشَ..!
بالمطرْ.
كوني كما تشائين
- يا ذاتَ الوجهِ الصَّبوح -
فقلبي المدفونُ تحتَ الرَّمادِ؛
مولعٌ بالشَّررْ.
فلا ضيرَ - يا أقحوانةَ السَّفحِ -
أو الذُّرى،
إنْ رضيتِ بذبول قادماتٍ
بعدَ عِجَافٍ أُخَرْ..!
فأنا الشَّاعرُ
إنْ لم أُسْقِ وردَ خدودِكِ
سَقيتُ غيرَهُ
إذا شاء القدَرْ.
فمَرحى لعنفوانِ رُوحِكِ
إنْ حلّقَ - كالفَرَاشِ - في غُرفتي
وأرادَ وَصْلاً؛
أو حلَّقَ بَعيداً عنِّيْ
وانْتَظرْ..!
***
حرّري أبجديةَ العشقِ،
واكتُبينيْ.
راوِديني عنْ نفسِي،
وحدِّثيني بما لا يُقالُ،
أو انْهَرينيْ.
أما سَئمتِ سِنينَكِ العِجَافَ،
واشْتَقتِ لسِمَانِ سِنينيْ..؟!
***
فقط.. اجلسي أمامي
على كرسيك الصّغير
لا تسرّحي شَعْرَك،
لا تضعي شيئاً من الماكياج، ولا البارفان..!
انظري إليَّ، هنا..
ركّزي عينيك على سبّابتي
ابتسمي..
واحد، اثنان، ثلاثة.
حسناً، انتهى الأمر
هذه اللقطة سأحتفظ بها لنفسي؛
ولأنه يُحبُّك هكذا
سأرسل له نسخة منها.
قالت المرآة للفتاة..!!
***
رغم الخمسين العِجاف..
كعبك العالي ما زال يرافقه الخَبَبُ، وينثرُ..
فعلن.. فعلن..
فعلن،.. فعلن..
حين تمرِّين على الرّصيف..!!
***
خلخالك عمره الآن خمسٌ وأربعون سنةً،
وما زلتُ أحبُّ أجْرَاسَهُ الكاملة،
حين تعزفُ في غرفتي..
متفاعلن.. متفاعلن.. متفاعلن..!!
***
غرقة العاشق
حين قرعتْ الباب..
فزّ القلب ليفتح لها، وجرى حافياً أمامه فصرخ العاشق به: أيها القلب المجنون عُد ولا تفضحنا، عُد إلى قفصك واستكن، إنها ليست المرة الأولى التي تأتي لزيارتي؟!
حين قرعتْ الباب..
رقص المشجب وصاح: ستعلق معطفها الخمري على ذراعي اليمنى، وباليسرى سأضمّ شالها الأحمر المضمخ بعطر رقبتها ورائحة شعرها الكستانئي.. فابتسم العاشق.
حين قرعتْ الباب..
ابتسمت المرآة ومسحت وجهها، قالت: ستنظر إليَّ من هذه الزاوية، سترمش بعينيها السوداوين وستعضّ شفتيها حتى تكاد تلامس وجهي البارد، وسأستنشق زفيرها الدافئ.. فابتسم العاشق.
حين قرعتْ الباب..
استفاقت قارورة العطر، ومدّت عنقها القصير، تنهّدت بصلف: ستحملني بيدها الصغيرة وسأزور نحرها وشعرها، وربما إبطها الأسمر هذه المرّة، عطري الرجولي يمنحها شيئاً من الشجاعة، إنها تحبّ رائحتي.. فابتسم العاشق.
حين قرعتْ الباب..
ضحكت ساعة الحائط ورفعت رأسها، قالت: سأتمهّل في سيري، وأتكتكك بهدوء، سأراقب المكان وإن أعجبني واستمتعت بأحاديثكما سأتوقف عن الدوران بحجة التعب.. فابتسم العاشق.
حين قرعتْ الباب..
اهتزّ السرير ونطق: هنا في الجانب الأيمن ستستلقي وسأنعم بدفء جسدها البضّ، سأشمّ رائحة عرقها اللذيذ المخبأ في المنحدرات ولن أصدر صريراً.
ركبتاها العاجيتان لن تؤلماني كما في المرة السابقة وسأكون أسعد الجميع.. فابتسم العاشق.
حين قرعتْ الباب..
صاح الحذاء المركون عند عتبة الباب: ستنتعلني قدماها الناعمتان إذا ذهبت إلى الحمّام لتغسل يديها أو وجهها من التعب، سأكون محظوظاً بقطرات الماء المتساقطة من جسدها البرونزي إن استحمت هذا اليوم، وسأحتفظ بدفئي حتى لا تبرد أصابعها الصغيرة.. فابتسم العاشق.
حين قرعتْ الباب..
صاح العاشق بهم: إنها فوضى المكان لن أستقبلها هنا في غرفتي، وسنلتقي في الحديقة اليوم عقاباً لكم أيها المشاغبون.
واستبق الباب ضاحكاً، فعبست الغرفة..!!
***
