الشّاعِرُ، ذَلِكَ الّذي..
1
الشَّاعِرُ، ذَلِكَ الَّذِيْ..
يَتَّبِعُهُ الْغَاوُوْنَ لِيَجْمَعُوْا حُرُوْفَهُ الْـمُشَبَعَةَ بِالْحُبِّ
قَلائِدَ، قَلائِدَ.
وِإذَا اِلْتَفَتَ إِليْهِمْ، قَالُوْا:
الْيَاسَمِيْنُ مَرَّ مِنْ هُنَا..!!
2
الشَّاعِرُ، ذَلِكَ الَّذِيْ..
يَمْشِيْ هَوْنَاً،
وَتَسْمَعُ وَقْعَ خُطوَاتِهِ قَبْلَ أَنْ تَطَأَ قَدَمَاهُ الثَّرَىْ.
وَإِذَا مَشَىْ؛
مَشَتِ الْبَسَاتِيْنُ مَعَهْ..!!
3
الشَّاعِرُ، ذَلِكَ الَّذِيْ..
تَأْلَفُ إِلَيْهِ قِطَّةٌ شَارِدَةٌ،
وَيَتْبَعُهُ كَلْبٌ جَائِعٌ،
وَتَبْنِي الْعَصَافِيْرُ أَعشَاشَهَا بَيْنَ يَدَيهْ..!!
4
الشَّاعِرُ، ذَلِكَ الَّذِيْ..
يَضْحَكُ لَهُ طِفْلٌ يَلْعَبُ حَافِيَ الْقَدَمَيْنِ،
وَتَخْتَلِسُ النَّظَرَ إِلَيْهِ سَيِّدَةٌ مِنْ خَلْفِ الشُّبَّاكِ،
وَيُشِيْرُ إِلَيْهِ عَجُوزٌ بِعُكَّازِهِ الْقَدِيمْ..!!
5
الشَّاعِرُ، ذَلِكَ الَّذِيْ..
يُحِبُّهُ عَامِلُ التَّنْظِيْفَاتِ،
وَيَقِفُ لَهُ حَارِسُ الْحَدِيْقَةِ بِاحتَرَامٍ،
وَيَقْطَعُ لَهُ رَجَلُ الْـمُرُوْرِ السَّيْرَ كَيْ يَعبَرَ الطَّرِيقْ..!!
6
الشَّاعِرُ، ذَلِكَ الَّذِيْ..
تُظَلِّلُهُ غَيْمَةٌ فِي الصَّيْفِ،
وَتُدَفِّئهُ أَشِعةُ الشَّمْسِ فِي الشِّتَاءِ،
وَتَنْشُرُ الْوَرْدَةُ أَرِيْجَهَا خَلْفَهُ..!!
7
الشَّاعِرُ، ذَلِكَ الَّذِيْ..
تُلاحِقُهُ فَتَاةٌ مُرَاهِقَةٌ،
وَتَبْتَسِمُ لَهُ اِمْرَأةٌ عَجُوْزٌ،
وَتَنْحَنِيْ لَهُ شَجَرَةُ فَوْقَ الرَّصِيفْ..!!
8
الشَّاعِرُ، ذَلِكَ الَّذِيْ..
يَتْبَعُهُ الْقَمَرُ فِي الْـمَسَاءِ،
وَتُضِيْءُ لَهُ نَجْمَةٌ بَعِيْدَةٌ،
وَتُغَنِّيْ لَهُ مَوْجَاتُ شَاطِئٍ مَهْجُورْ..!!
9
الشَّاعِرُ، ذَلِكَ الَّذِيْ..
يَشْتَهِيْ قُرصَ فَلافِلٍ،
وَيُدفِّئُ يَدَيْهِ بِرَغِيْفِ الْخُبْزِ السَّاخِنِ؛
قَبْلَ أَنْ يَجُوْدَ بِهِ عَلىْ مُتَسَوِّلٍ فَقِيرْ..!!
10
الشَّاعِرُ، ذَلِكَ الَّذِيْ..
تَحِنُّ إِلَيْهِ كَأسُ النَّبِيْذِ،
وَتَشْتَاقُ إِلَيْهِ السِّيْجَارَةُ الأَخِيْرَةُ،
وَقَد نَفَدَ الْفُسْتُقُ مِنْ صَحنِهِ الصَّغِيرْ..!!
11
الشَّاعِرُ، ذَلِكَ الَّذِيْ..
يُحِبُّ الْبَلابِلَ، وَيَكْرَهُ بَائِعَ الطُّيُوْرِ،
كُلَّ يَوْمٍ يَشْتَرِيْ بُلبُلاً،
يَحمِلُهُ إِلَى الْحَدِيقَةِ لِيُطْلقَهُ فِي الْهَوَاءْ.
حَتَّىْ إِذَا نَفَدَتْ نُقُوْدُهُ جَلَسَ فِي الْحَدِيْقَةِ،
وَكَتَبَ قَصِيْدَةً بِعُنْوَانْ: الْغَالِيَةْ..!!
12
الشَّاعِرُ، ذَلِكَ الَّذِيْ..
تُحِبُّهُ النِّسَاءُ، وَيَغَارُ مِنْهُ الرِّجَالُ،
وَيَبْتَسِمُ لهُ الأَطفَالُ.
وَإذِا بَكَىْ؛ بَكَتِ الأَشْجَارُ مَعَهُ،
وَأَمْسَكَتِ الْعَصَافِيْرُ مَنَاقِيْرَهَا..!!
13
الشَّاعِرُ، ذَلِكَ الَّذِيْ..
يُطَارِدُهُ الْكَرَىْ كُلَّ يَوْمٍ،
وَيَهْرُبُ مِنَ النَّوْمِ إِلَى النَّوْمِ،
بَحثَاً عَنْ يَدٍ غَرِيْبَةٍ لوَّحَتْ لَهُ فِي الظَّلامْ..!!
14
الشَّاعِرُ، ذَلِكَ الَّذِيْ..
يُوَزِّعُ الدِّفءَ فِي الْـمُخَيْمَاتِ،
وَيَلْعَبُ - حَافِيَاً - مَعَ الأَطْفَالِ فِي كُرَةِ الْقُمَاشِ.
وَإِذَا جَاعَ - ذَاتَ لَيْلَةٍ -؛
هَبَطَتْ مَائِدَةٌ بَيْنَ يَدَيْهِ.
فَهُرِعَ الأَطفَالُ إِلَيهْ..!!
15
الشَّاعِرُ، ذَلِكَ الَّذِيْ..
يُنَاوِلُ الطِّيْنَ لِلْبَنَّاءِ الْعَجُوزْ،
وَيَمْسَحُ عَرَقَ الْخَبَّازِ فِي الصَّيفْ،
وَيُسَاعِدُ الفَلَّاحِيْنَ فِي الْحُقُولْ.
وَإِذَا جَفَّتْ بِئْرُ الْقَرَيَّةِ، وَخَرَجَ النَّاسُ يَسْتَسْقُوْنَ؛
كَتَبَ قَصِيْدَةَ غَزَلٍ فِي السَّمَاءْ.
فَاِنْهَمَرَ الْـمَاءْ..!!
16
الشَّاعِرُ، ذَلِكَ الَّذِيْ..
يَقِفُ بِاِحتِرَامٍ لِمُدَرِّسٍ فِيْ قَريَةٍ بَعِيْدَةْ،
وَيُقَبِّلُ سِلاحَ جُنْدِيٍّ عَلَى الْحُدُودْ.
وَفِي الْعِيْدِ، يَضَعُ وَردَةً عَلَى قَبْرِ الشَّهِيْدِ،
وَيَهْمِسُ:
أنْتَ الْحَيُّ، وَنَحنُ الْـمَيِّتُونْ..!!
17
الشَّاعِرُ، ذَلِكَ الَّذِيْ..
يُحِبُّ حَارِسَ الغابةِ، وَيَكْرَهُ الصَّيَادْ.
بِحُضُوْرِهِ..
يُسَلِّمُ الدِّيْكُ عَلَى الثَّعلَبِ،
وَتَبِيْضُ الْحَمَامَةُ فِيْ عُشِّ الصَّقْرِ،
وَتَلْعَبُ الْغَزَالَةُ مَعَ الْفَهدْ..!
وَفِي الصَّبَاحِ يَرقُصُ الْجَمِيْعُ لَهُ وَيُغَنُّونْ.
وَإِذَا جَاءَ الصَّيَّادُ أَلْقُوْا عَلَيْهِ الشَّبَكَةَ وَرَمُوْهُ فِي الْحُفْرَةِ؛
لِيَقْبِضَ حَارَسُ الْغَابَةِ عَلَيهْ..!!
18
الشَّاعِرُ، ذَلِكَ الَّذِيْ..
يَتَمَنَّىْ أَنْ يَكُوْنَ تِمْثَالاً عَلَىْ جَبَلٍ فِي الْـمَدِيْنَةْ.
لِيَرَىْ بِعَيْنَيْهِ الذَّهَبِيَّتَيْنِ أَحوَالَ النَّاسْ.
فَيَحمِلُ السُّنُوْنُوْ عَيْنَهُ الْيُمْنَى،
إِلَىْ بَائِعَةِ الْكِبْرِيْتِ الصَّغِيْرَةْ.
وَيَحمِلُ الْيُسْرَىْ، إِلَىْ بَائِعَةِ الْخُبْزِ فِي أَطرَافِ الْمَدِيْنَةْ.
لِيَبْقَىْ بِلا عَيْنَيْنِ.
يَحرُسُ الْـمَدِيْنَةَ، وَيُحِبُّهُ النَّاسْ..!!
19
الشَّاعِرُ، ذَلِكَ الَّذِيْ..
يَرَىْ مَا لا يُرَىْ فِي الْقَصِيْدَةْ،
يَمُوْتُ وَلا يَخُوْنُ الْحَبِيْبَةْ.
وَيُحِبُّ وَطَنَهُ طَوْعَاً،
وَإِنْ أُجْبِرَ عَلَى الْخِيَانَةِ كَرْهَاً؛
قَالْ:
اُصلُبُوْنِيْ كَالْحَلَّاجِ عَلَىْ بَابِ الْـمَدِيْنَةْ..!!
20
الشَّاعِرُ، ذَلِكَ الَّذِيْ..
يَكْرَهُ الْحَربَ وَيُحِبُّ السَّلامْ.
ذَلِكَ الَّذِيْ..
يَكْرَهُ البُندقِيَّةَ وَيُحِبُّ غُصنَ الزَّيْتُونْ.
ذَلِكَ الَّذِيْ..
يَكْرَهُ الرَّصَاصَةَ وَيُحِبُّ الْوَردَةَ الْحَمْرَاءْ.
ذَلِكَ الَّذِيْ..
يَكْرَهُ الْخُوْذَةَ وَيُحِبُّ عُشَّ الْعَصَافِيرْ.
ذَلِكَ الَّذِيْ..
يَكْرَهُ الْقُنْبُلَةَ وَيُحِبُّ الْبُرْتُقَالْ.
ذَلِكَ الَّذِيْ..
يَكْرَهُ الْـمَدفَعَ وَيُحِبُّ قَلَمَ الرَّصَاصْ.
ذَلِكَ الَّذِيْ..
يَكْرَهُ الطَّائِرَةَ وَيُحِبُّ الْحَمَامَةَ الْبَيْضَاءْ.
ذَلِكَ الَّذِيْ..
يَكْرَهُ الْقَنَابِلَ الْعُنْقُوْدِيَّةَ وَيُحِبُّ عُنْقُوْدَ الْعِنَبْ.
ذَلِكَ الَّذِيْ..
يَكْرَهُ الَّلغَمَ وَيُحِبُّ سُنْبُلَةَ الْقَمحْ.
ذَلِكَ الَّذِيْ..
يَكْرَهُ الصَّارُوْخَ وَيُحِبُّ قَوْسَ قُزَحْ.
ذَلِكَ الَّذِيْ..
يَكْرَهُ قَنَابِلَ الْغَازِ وَيُحِبُّ رَائِحَةَ الْيَاسَمِينْ.
ذَلِكَ الَّذِيْ..
يَكْرَهُ الْبَيَانَ الْعَسْكرِيَّ وَيُحِبُّ قَصِيْدَةَ الْغَزَلْ.
وَيُغَنِّيْ لِيَحْيَا الْجَمِيْعُ فِيْ سَلامٍ آمِنِينْ..!!
21
الشَّاعِرُ، ذَلِكَ الَّذِيْ..
يُصَلِّي الْجُمُعَةَ، وَيُرَتِّلُ الْقُرآنْ.
ويَصُوْمُ مَعَ الْـمُسْلِميْنَ رَمَضَانْ.
وفِي السَّبْتِ يَقْرَأ التَّوْرَاةْ..!
وَيَحضُرُ قُدَّاسَ الأَحَدِ، لِيَسْمَعَ الإنْجِيلْ.!
وَإِذَا سُئِلَ قَالْ:
هِيَ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ،
وَأَنَا أُحِبُّ الْجَمِيْعَ، لأَنَّنِيْ إِنْسَانْ..!!
22
الشَّاعِرُ، ذَلِكَ الَّذِيْ..
يُحِبُّهُ كُلُّ هَؤلاءْ،
لأَنَّهُ أَحَبَّهُمْ وَكَتَبَ لَهُمْ يَوْمَاً مَا،
عَلَىْ ضَوْءِ قِنْدِيْلٍ قَصِيْدَةَ حُبٍّ،
فِيْ زَاوِيَةٍ مِنْ زَوَايَا غُرفَتِهِ الْـمُعتِمِةْ..!!
23
الشَّاعِرُ، ذَلِكَ الَّذِيْ..
هُوَ أَنَا،
فَمَنْ أَنَا..؟!
حِيْنَ أَبْحَثُ عَنْ قَلَمٍ لأَكْتُبَ قَصِيْدَةً دَاهَمَتْنِيْ فِي الطَّرِيْقْ؛
فَلا أَجِدُ سِوَى الرِّيْحِ أَهْمِسُ فِي أُذْنِهَا:
أَنَا الَّذِيْ رَأيْتُ،
أَنَا الَّذِيْ رَأيْتْ..!!
...
#الشاعر_ذلك_الذي ط 1 / 2018 _ ط 2 / 2020
.. #محمد_حسين_حداد
#فرات_الشعر
#فوتوشعر